الجمعة، 8 مايو 2009

مواجهات بين الشرطة وأقباط المقطم لتسليم الخنازير.. والمربين يستنكرون





الأقباط يؤكدون أن القرار يستهدفهم لكونهم مسيحيين ويرفضون القرار الغير مدروس!
الأمن يطرح المساومة تسليم الخنازير مقابل الإفراج عن الأقباط المعتقلين!
تحقيق: نادر شكري خاص الأقباط متحدونشهدت منطقة منشأة ناصر أحداث عنف الأحد عقب وقوع اشتباكات بين أهالي المنطقة من الأقباط وقوات الشرطة التي فرضت طوقاً أمنياً حول المنطقة بهدف أجبار مربي الخنازير على تسليمها لتنفيذ قرار مجلس الوزراء بإعدام قطعان الخنازير بالكامل على مستوى الجمهورية في إطار الإجراءات الاحترازية للوقاية من أنفلونزا الخنازير "المكسيكية"، ويأتي تنفيذ القرار عقب الإعلان عن وفيات إثر الفيروس في المكسيك وبعض الدول رغم أنها لم تقم بأي عمليات إعدام للخنازير داخل هذه الدول، وفسر الأقباط القرار الصادر أنه قائم على أساس طائفي الهدف منه القضاء على قطعان الخنازير المحرمة في الشريعة الإسلامية والتي تمثل اقتصاد كبير لعدد من الأسر القبطية خاصة في منطقة منشأة ناصر والبراجيل وعزبة النخل وبعض المحافظات
ورغم الوعود الحكومية بدفع تعويضات مرضية لمربي الخنازير وإيجاد فرص عمل بديلة لهم إلا أن هذه الوعود لم تجد أي تنفيذ مما دفع بأقباط منشأة ناصر الإعتراض على تدمير إقتصادهم الذي يمثل جزء كبير من دخلهم من خلال تربية الخنازير وإقامة بعض الصناعات الهامة، وعبّروا عن استياءهم لقرار الحكومة بإعدام القطعان رغم أن الدول الغربية لم تقبل على هذه الخطوة رغم انتشار الفيروس بها، مؤكدين أنه تم الكشف على قطعان الخنازير لديهم ولم تثبت أي حالة إصابة بالفيروس وكان على الحكومة التأني في قرارها وإيجاد حلول عملية لإنقاذ ما لا يقل عن 40 ألف نسمة تعمل في هذا المجال.
رغم موافقة الأقباط بمنطقة منشأة ناصر على ذبح الخنازير وتنفيذ جزء منها بذبح 300 رأس، إلا أنهم عادوا ليعترضوا على استكمال عملية الذبح بعد انسحاب الحكومة من تنفيذ وعودها بعدم دفع التعويضات المرضية، حيث لم يتم تسديد ما تم إعدامه وفي الوقت نفسه شعر الأقباط أن جزء من اقتصادهم الرئيسي ينقرض، وهو ما يفقدهم دخل رئيسي في ظل الأزمة العالمية الإقتصادية وقلة فرص العمل دفعهم لرفض استكمال عملية تسليم القطعان، وهو ما دفع قوات الشرطة للتعامل بشكل غير محسوب معهم بحصار المنطقه وفرض حالة من الرعب والهلع بين الأهالي وتكثيف عمليات القبض العشوائي على الشباب للمساومة على تسليم القطعان مقابل الإفراج فضلاً عن وقوع إصابات بين الطرفين وهو ما أغضب جموع الأقباط الثائرين، لا سيما أن عملية الإعتقال وصلت لاستهداف أقباط من داخل منازلهم ليس لهم علاقة بالأحداث وليس من مربي الخنازير.

· مواجهة أمنية - قبطية!
توجهت قوات الأمن من جانب طريق المقطم بجحافل من سيارات الأمن والمدرعات حاولوا الدخول إلى منطقة منشأة نصر ولكن فوجئوا بتجمهر من شباب المنطقة حيث بدأ التعامل بين الطرفين بقذف الطوب، وتم تكوين تشكيلات من جنود الأمن المركزي وخلافهم جنود إطلاق القنابل المسيله للدموع وتم تحويل طريق المقطم إلى اتجاه آخر، وظلت المواجهات بين الطرفين باستخدام الطوب والزجاجات الفراغة وكان الشباب الثائر أمامهم على هضبة المقطم يصرخ "مش هنسيب رزقنا لو هنموت" "إحنا هنموت هنا"، وبعد ساعة جاءت تعزيزات أمنية إضافية حيث بدأت عملية الإقتحام تتقدمهم المدرعة وخلافهم جنود الأمن المركزي يقذفون بالطوب بحركات سريعة، وتم إطلاق العديد من القنابل المسيله للدموع وقعت إحداها على إحدى المنازل وبدأت صرخات النساء والأطفال، وأسرعت قوات الأمن في التوغل إلى داخل المنطقة يهرب من أمامهم الشباب إلى داخل المنطقة يتحصن البعض بالهضاب العالية، وبدأت قوات الأمن التوغل في بعض الشوارع الرئيسة تلقي القبض على العديد من الأقباط بشكل عشوائي يتلقوا خلالها الضرب والسحل ووابل من الشتائم حتى أنهم ألقوا القبض على كهل يبلغ من العمر الـ 65 عاماً قصير القامة نحيل الجسم يمسكه عملاق من الشرطة بقبضته القوية من ملابسه كأنه معلق والرجل يبكى ويقول "يا عم أنا مليش دعوة أنا راجل غلبان على قد حالي" ولكن دون رحمة يتلقى ضربات فوق رأسه.
وأثناء مرور جنود الأمن المركزي بالشوارع الجانبية و"كشاهد عيان" حيث كنت أسير خلفهم مباشرة ومعهم أحياناً -دون ملاحظة أني صحفي- كان الجنود يقوموا بتدمير وتكسير زجاج بعض السيارات التي تقف أمام المنازل باستخدام العصي ومنها سيارة ملاكي حمراء لخادم يدعى بيرتي مكرم، وذهبت مجموعة أخرى لتقتحم بوابة منزل حديدية وتخرج وفي قبضتها شباب ليس له علاقة باعمال الشغب وبعد ساعتين من عملية الاقتحام استقرت قوات الأمن في مدخل الشارع الرئيسي للمنطقة وجلس الجنود وأمامهم من الجانب الآخر المتجمهرين الأقباط الذين ملأوا شوارع المنطقه يعبرون عن استيائهم وتتردد الكلمات ما بين قائل "الحكومة عايز تدمرنا"، "هما قاصدين الأقباط بالذات "، "طيب نشتغل إيه بعد كدة ونربي عيالنا إزاي".

· محاولة لامتصاص عاصفة الغضب
بعد فشل قوات الأمن الدخول إلى المنطقة لإعدام الخنازير والاكتفاء بمحاصرة المنطقة، حاولت الأجهزة الأمنية استخدام أسلوب سياسة التهدئة، حيث ذهبت بعض القيادات الأمنية داخل سيارة إسعاف إلى دير القديس سمعان الخراز داخل القاعة الرئيسية بحضور القمص سمعان ابراهيم راعي الدير والقس بولا شوقي والآلاف من شعب المقطم وبحضور العميد سامي سيدهم نائب رئيس العاصمة وبعض القيادات الأمنية ورجل الاعمال مجدى فؤاد، وحاولوا الوصول لصيغه مع الأهالي حيث ثار غضب الأقباط نتيجة القبض على ما لا يقل عن 30 قبطي وطالبوا الإفراج عنهم فوراً، لا سيما أن عدد منهم ملتزم بامتحانات نهاية العام وحاول مجدي فؤاد طمأنة الأهالي بالحصول على التعويضات المرضية في حالة التعاون على ذبح الخنازير، ووعد سامي سيدهم الإفراج عن المعتقلين في حالة التعاون مع الجهات الأمنية، ولكن الشعب ثار وبذل القمص سمعان ابراهيم مجهود كبير للسيطرة على غضبهم وسط القاعة وسط ارتفاع أصواتهم بتوفير الضمانات الكافية لتوفير بدائل جديدة والسماح لهم بجمع القمامة دون قيود والإفراج عن المعتقلين والضمان لهم بعدم صدور أي قرارات لاحقاً بمنع تجميع القمامة بالمنطقة.

· أين الضمانات؟
التقينا بأهالي المنطقة الغاضبين حيث قال صبرى "أحد مربي الخنازير" أن الخنزير يمثل قيمة اقتصادية كبيرة لهم نظراً لأنه يتغذى على فضلات الأغذية وتصل إلى 50 % من القمامة وتقوم عليه العديد من الصناعات، وأضاف أنه لا يبدي أي اعتراض على ذبح الخنازير ولكن يجب أولاً إيجاد البدائل لتوفير سبل العيش في الوقت نفسه دفع التعويضات اللازمة حيث تم تسليم 300 رأس لم تسدد تعويضاته حتى الآن، فكيف نسلم القطيع المتبقي؟.
أما خليفه يرى أن الحكومة تسعى للقضاء على أرزاقهم بعد تحويل عملية جمع القمامة إلى الشركات الأجنبية ومنعها عن الأقباط وتضيق الخناق عليهم في كل الطرق، وبعد ذبح الخنازير يسعى المسئولين إلى منع وصول القمامة للمنطقة وهو بمثابة "المسمار الأخير في نعش المنطقة" والقضاء على أرزاق ما لا يقل عن 60 ألف نسمة منها عمالة من خارج المحافظات لا سيما الصعيد.
أما نمر فيقول "نحن مواطنون مصريون وجزء لا يتجزأ من مصر لكن المسئولين يتعاملوا معنا بشكل الأقلية، وإن أزمة الخنازير جاءت لهم فرصة على طبق من ذهب للقضاء على المنطقه بحجة الفيروس رغم أن الدول الغربية لم تتعامل مع الأزمة بهذا الشكل ولم تقوم بإعدام أي قطيع من الخنازير رغم أنها مصدر المرض وأن المشكله الآن لا تقع في الخنازير بل في البشر القادمين من الخارج".
رأفت يقول "لي ست فتيات وشابين نعيش على جمع القمامة وتربية الخنازير، بعد إعدام الخنازير ومنع القمامة كيف نعيش والحكومة فضلت الشركات الأجنبية عن أبناءها رغم فشل هذه الشركات في عملية النظافة؟ والآن نمر بحالة من التضيق من قبل شرطة المرور بعد منع عربيات الكارو الدخول للمدينة أصبح أمناء الشرطة يستهدفون سيارات نقل القمامة التي نملكها لتوقيع غرامات طائلة علينا بشكل يومي كشكل من التعجيز، فكيف نعيش ونسدد الضرائب والكهرباء ونوفر القوت اليومي؟".

أما مينا وسند يروا "أن الحكومة كان عليها التعامل مع الأزمة بشكل عملي عن طريق نقل الخنازير لأماكن بعيدة عن المنطقة السكنية ومتابعتها بشكل دائم دون إعدامها ولا سيما أنه لا توجد أي حالة إصابة، ولكن لا يتم قطع الأرزاق بهذا الشكل التعسفي وأنهم لا يعرضون الحكومة لأنهم هم أول من يصابوا في حالة ظهور المرض، ولكن هذا القرار هو موت لهم أيضاً بقطع دخلهم، مشيرين إلة أنه كان هناك قرار بنقل الخنازير إلى 15مايو وهذا قرار صائب ولكن عملية الإعدام قرار متسرع ليس في مصلحة ما لا يقل عن 100 ألف نسمة".

· زبالين المقطم... وسياسة النبذ والتحقير!
عقب الإعلان عن أنفلونزا الخنازير أصبح الزبالين الأقباط يواجهون معاناة يومية أشبه بما عانوا منه السود من البيض، حيث سادت سياسة جديدة ضدهم هي النبذ والتحقير والطرد، وهذا ما يرويه أحدهم ويدعى خلف عندما ذهب إلى أحد المنازل لتحصيل حقه في جمع القمامة طوال الشهر حيث قوبل بنفور من أصحاب المنزل وتم إبعاده من باب الشقة باستخدام يد "المكنسة" وتم إلقاء المال على سلالم المنزل خوفاً منه لأنهم يخشون نقله لفيروس الخنازير... في حين تعرض آخر لعملية طرد عندما ذهب إلى مقهى ليستريح ويتناول كوب من الشاي إلا أنه فوجئ بطرده من العاملين بالمقهى والتنبيه عليه عدم المجيء للمقهى قائلين له "إحنا ناقصين أشكالكم.. مش ناقصه مرض ونجاسة"، وذهب الشخص في حالة من الإحباط لهذه المعاملة العنصرية.. في حين قالت بعض الأمهات أن أبنائهم يوجهون نفور من التلاميذ ويتجنبهم الكثير من زملائهم التلاميذ على اعتبار أنهم يحملون الأنفلونزا.

· الأقباط.. والبحث عن بدائل!
التقينا بالقس بولا شوقي أحد كهنة المقطم الذي قال أن قوات الشرطة تعاملت بشكل سيء مع المواطنين، وقامت بالقبض العشوائي على العشرات من الأقباط ومنهم عطوان خليفه وشابين مينا عادل وشقيقه كيرلس عادل طالبين بكلية الهندسة والحقوق وتم القبض عليهما من داخل منزلهما رغم أنهما ليس لهما علاقة بتربية الخنازير ووالدهما محامي، وأضاف أنه بعد قرار الحكومة بإعدام الخنازير أقيمت جلسة مع القمص سمعان ابراهيم والمسئولين وتم الإتفاق على تهدئة الأوضاع والإتفاق على التعويضات على أساس 250 جنيه للقطيع الكبير و100 جنيه للمذبوح مع تسليم اللحم لصاحبه، ولكن الوعود لم تنفذ ولم تسلم التعويضات وهو ما سبب الإنقلاب الذي حدث والذي يعود في بداية تفجيره لشخص يدعى عثمان أحمد عثمان عندما اعترض الأمن وسبب حالة الإنفلات الأمني ولا نعلم أسباب ما فعله، ولكن الأمن تعامل بشكل عنيف مع الأزمة لا سيما أن الأمر يمس مصدر رزق الأقباط وقد سبق أن الحكومة خلت بوعودها عندما تم تسليم أرض بمنطقة القطامية لنقل القمامة عليها وإلتزم الأقباط وقاموا بتأسيس بعض المباني عليها إلا أنه جاء مسئول آخر وقرر إزالة المباني بحجة أن المكان محمية طبيعة ولم يعوض الأقباط على المباني إلى تم إزالتها، وهو التخبط في القرارات ما بين الجهات المعنية التي لا تضع اعتباراً لمصلحة المواطنين، وسبق أن تم عرض نقل الخنازير لمنطقة 15 مايو ولم يتم التنفيذ من قبل الحكومة، وطالب القس بولا شوقي برفع صوت الأقباط بالمنطقة بتحقيق مطالبهم العادلة ومنها صرف تعويضات مرضية لقطعان الخنازير التي تم إعدامها وتوفر فرص عمل بديلة لهم من خلال منحهم تراخيص صادرة من هيئة النظافة لممارسة عملهم في جمع القمامة دون قيد ووقف الإجراءات التعسفية من جانب شرطة المرور في استهداف سياراتهم وفرض غرامات مالية طائلة عليهم مع ضرورة الإفراج الفوري عن المعتقلين الأقباط دون شروط أو مساومات بذبح الخنازير مقابل الإفراج.

· إدانه واستنكار!
من جانبها تدين منظمة أقباط الولايات المتحدة الأمريكية القرارات التعسفية لمجلس الشعب والحكومة المصرية بشأن تعاملها مع أزمة أنفلونزا الخنازير دون دراسة عملية تحافظ بها على جزء من الثروة الإقتصادية وتقطع مصدر رزق الآلاف من المصريين المسيحيين، وأن صدور هذه القرارات تعتمد في المقام الأول على تمييز طائفي خاصة أن مالكي قطعان الخنازير من الأقباط وتكاد تكون المصدر الأساسي لدخلهم، وتأتي هذه القرارات التعسفية بعد العديد من القرارات السابقة التي استهدفت الأقباط بمنطقة منشأة ناصر بمنعهم من ممارسة عملهم في جمع القمامة والتضييق عليهم وإحلالهم بشركات أجنبية لم تؤتي ثمارها وفرضت العديد من القيود على عملهم من فرض غرامات مالية طائلة ومنعهم من دخول مناطق عملهم ولم تقم الحكومة المصرية بتنفيذ وعودها بوجود بدائل أو حلول لتوفير فرص عمل للآلاف من الذين يقوموا على هذه الصناعة التي تعمل فيها أسر كاملة.
وتستنكر المنظمة التعامل الأمني الهمجي مع مواطنين مصريين باقتحام منطقة منشأة ناصر وإطلاق القنابل المسيلة للدموع على أسطح المنازل والقبض العشوائي على العشرات من الأقباط معظمهم لم يكن من المتجمهرين بل تم اقتحام العديد من المنازل ليتم القبض عليهم ومعظمهم من الطلاب الذين على مشارف الإمتحانات.
ووصفت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة هذه الخطوة بالخاطئة نظراً لعدم اكتشاف السلالة الفيروسية الجديدة في الخنازير، كما انتقدت منظمة الصحة العالمية الإجراء المصري على اعتبار أنه لم يثبت حتى الآن انتقال الفيروس من الخنازير إلى البشر.

ليست هناك تعليقات: